27 يوليو، 2010

تكسي كل يوم (1) "رجلي بتوجعني"


(( "تكسي كل يوم" هي سلسلة مقالات عن تجارب شبه يومية مع سائقي سيارات الاجرة في عمان))

" مشكلة سائقي سيارات التكسي في عمان أن 99 % منهم , يشوهون سمعة الباقين "

تبدأ عادة رحلتي اليومية مع سائقي التكسي في حوالي الساعة الرابعة مساءا, قد لا تعد الدقائق القليلة التي اقضيها في سيارة الاجرة يوميا موضوعا ذا أهمية و قابلا للنقاش, لولا أن هناك تجارب محددة مع عدد من السائقين تطرح مواضيعا جدية للنقاش.

ذلك اليوم ركبت مع سائق ثلاثيني, هزيل البنية , ملتحي, تبدو على ملامحه شيء من السكون الذي لم الذي لم استطع ان اصل الى مسبباته إلا لاحقا.

تنهد الشوفير " اااااااخ يا رجلي ", "يا اخي لو العالم يعرف قديش بنتعب في هالشغلانة والله ليعملو فتحة العداد ليرتين ونص "
في البداية ظننت انه كأي حديث عادي لسائق التكسي, يريد به أن "يحزني" عليه, "عشان اسامحه بباقي الليرة "

ثم لاحظت اني لا ازال احملي معطفي الطبي الابيض على يدي, عندها شككت ان الهدف من هذا الحديث هو استشارة طبية!

ما لا يعرفه عديد من الناس , هو ان طالب طب في سنته الثالثة لا يمتلك اية خبرة عملية تجعله قادرا على تشخيص المرض بشكل دقيق و ووصف الدواء.
غالبا ما اتعرض لهذه المواقف مع سائقي التكسي, يبدوؤن بالسؤال عن شتى حالاتهم المرضية, كذلك يسألون عن حالات اقربائم وجارهم ابو محمد ! ويتسآلون معي عما اذا الطبيب الذي وصف له الدواء "حمارا أم لا", مع العلم ان هذا الطبيب المشكوك في أمره يملك عادة ما يزيد على عشرة اضعاف ما املكه من الخبرة و العلم.

بل حتى ان اغلب الأسئلة تكون عادة عن "المناطق السفلية", تلك الاسئلة عادة التي تبدأ بعبارة " لا حياء في العلم يا دكتور" تلك الاسئلة التي عادة ما تسبب لي رد فعل "مقلق" في معدتي.

هذا السائق بالذات كان مختلفا عن سابقيه, لم يلتفت لي او يسألني اي سؤال, غير انه اكمل عبارته السابقة متمتما "انشاله تكون الحبوب الي اخدتها من هال#### بتجيب فايدة "

ثلاث دقائق اخرى و اذا به يعيد نفس الجملة, بدأت اشك في هدفه من ذلك, بل حتى أني بدأت اتسآل عن ماهية تلك الحبوب !

توقف السائق في محطة البنزين , ترجل من السيارة , "تشرب اشي؟" سألني ,غاب قليلا ثم عاد يحمل زجاجة شفافة, تحوي سائلا بنيا, ظنتته بداية عصير تفاح, ثم ما لبثت ان ادركت انه كان مشروبا كحوليا !!!

"بشربه عشان رجلي ", "مافي اشي تاني بفيدني ! " , يشرب في وضح النهار , في السيارة, أمام البائع, أمام الراكب, وأمام المصري عامل محطة البنزين الذي لم يبدو مستغربا اطلاقا !! و كأنه مشهد اعتاد مشاهدته يوميا !

ترجلت من السيارة, وضعت الاجرة على الكرسي "و سامحته بباقي الليرة" , و انصرفت مندهشا ! وسط نداءات السائق, "وين رايح يا زلمة؟؟؟"

لم يلبث اندهاشي أن تحول الى خيبة امل, فحين نرى الامانة تستعرض عضلاتها على فتاة الخس, نراها غافلة عن من يبيع الكحول لسائق في سيارته, بل و المصيبة الاعظم انه يسترد الزجاجة الفارغة قبل رحيل السائق ! تخيل !

خاب املي في رقابة السير, التي تترك سائقا مخمورا يقامر بحياته و حياة الركاب, في حين يقوم رقيب السير ب"سلخ" مخالفة عريضة لسائق يعلق صور اطفاله امامه, حتى ينسونه همه و"قرف الزباين".

يخاطر بحياته وحياتي, بحجة "رجلي بتوجعني" ! ثم يتسآلون من يشوه سمعة الكادحين من سائقي التكاسي .


Mo2a8t

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق