28 أغسطس، 2010

عالم قبيح


"كلما نظرت الى صورة فارس عودة و هو يواجه الدبابة بحجر تنتابني تلك القشعريرة الغريبة, تلك القشعريرة الممزوجة بشيء من الفخر و الكبرياء"

لطالما أمتعتنا شركة "زين" بإعلاناتها التي تمتاز بلمسة لها رونق خاص, و جمالية تجذب المشاهد بشكل عجيب !

اخر هذه الاعلانات هو اعلان لحملة جمع تبرعات لصالح وكالة غوث و تشغيل اللاجئين "الاونروا", اعلان بصراحة جذاب, واقعي, مخرج باحترافية, لكنه قبيح !

لا تفهموني غلط ! أنا مع دعم أي نشاط لمساهة اللاجئبن, و الشركة اكثر من مشكورة على هذه البادرة الطيبة , المشكلة ليست مع الفكرة, المشكلة مع الطريقة التي يتم بها تصوير اللاجئين.

مجدداً لا تفهموني غلط, الاعلان نعم واقعي, اوضاع اللاجئين جد صعبة, وهم بأمس الحاجة الى اية مساعدة بامكانهم الحصول عليها.

مشكلتي مع الطريقة التي يتناول بها الاعلام بشكل عام اوضاع اللاجئين, و المنظور الغريب الذي يصور به اوضاعهم !

في هذا الاعلان كل ما نراه هو الاوضاع المزرية, المباني المهدمة, الاطفال المشردون, الجوع الفقر المرض الموت !!!

أين ذهب الشعب الجبار ؟؟ أين ذهبت علامة النصر ؟؟ أين ذهب الكبرياء الذي يعلو على الجروح ! و يسمو فوق المعاناة ! ااااااااااخ يا زمن !

ايام زمان كنا كلما رأينا صورة لمعاناة هذا الشعب الجبار, نرى معها كبريائاً يعلو الوجوه, بسمة واثقة, و نظرة فيها ايمان راسخ ان الارض ستعود يوماً لأصحابها.

اللاجيء اليوم غدا مجرد صورة يستجدى بها المال من القلوب الرحيمة, و كأن كل قضيته غدت لقمته و كسوته و سلك الكهرباء الممدود الى منزله ! اااااخ يا زمن !

حقاً , إنه عالم قبيح !


Mo2a8at







14 أغسطس، 2010

نص الكاسة


" رمضان ليس شهر الطعام و الشراب و لكن شهر الجد و العمل "

بهذا الشعار قررت حكومة الرفاعي استقبال هذا الشهر الكريم, أخذت على عاتقها نشر هذا الشعار و تعليمه للشعب "الجاهل بمصلحته", متى سيفهم الناس ان كل ما تريده الحكومة هو مصلحتهم ! لماذا لا ينظرون إلى النصف المليان من الكأس ؟

على هذا الأساس قررت الحكومة الفاضلة أن تعلم الشعب الإقتصاد, فحاولت بشتى الطرق لكنها لم تنجح, لذا قررت أن تفرض ضرائب جديدة على كل شيء تقريباً, رفعت أسعار الغذاء و الخضار , ثم قررت خسف القوة الشرائية للمواطنين !

" قال نقيب تجار المواد الغذائية سامر جوابره أن إقبال المواطنين على شراء السلع الغذائية انخفض خلال شهر رمضان الحالي بحوالي 30 بالمئة مقارنه مع المواسم السابقة بفعل ضعف القوة الشرائية للمواطنين ".

هذا الخبر هو ما "تصبحت" به اليوم, كما يبدو أن الحكومة نجحت و أخيراً في تحقيق واحد من أهدافها ! من قال إن حكومة الرفاعي حكومة بلا إنجازات ! سجل يا عمي سجل !!

الحكومة كذلك تشعر بالقلق على الشعب المسكين من الشعور بالعطش في هذا الشهر الكريم , لذا قررت الحكومة فرض ضريبة جديدة على بطاقات الهاتف المحمول, "عشان الشعب ما ينشف ريقه من الحكي, تطلعو على نص الكاسة المليان !"

الحكومة أيضاً قررت استغلال هذا الشهر الكريم لمساعدة الناس غلى الإقلاع عن الدخان, لذا رفعت أسعار هذا الآخر أيضاً, صحة الشعب قبل كل شيء "تطلعوا على نص الكاسة المليان ! "

سجل يا عمي انجازات ! سجل !!

رمضان شهر و سوف يمر, الخوف الآن أن تلتفت الحكومة إلى مشكلة السمنة المنتشرة في البلاد و تقرر حلها ! ساعتها " رح #@$ الناس"! بس برضو "تطلعوا على نص الكاسة المليان!" .

المشكلة ليست في سياسات الحكومة , المشكلة انه الناس مو شايفة نص الكاسة المليان, لأن الناس مش شايفه الكاسة أصلاً !!


Mo2a8t

12 أغسطس، 2010

خواطر من أجل حرية


"ليس من عادتي أن اكتب عن موضوع ما بجدية مفرطة, لكن أحياناً يجبرك الموضوع على الجدية"

أقبل شهر رمضان المبارك, و أقبل معه السيل الجارف من المسلسلات و البرامج "الرمضانية", و التي لا يمكن وصفها سوى بأنها هراء تام ! بلا أي فائدة ترجى, و بدون أي هدف او غاية.

على كل حال هذا ليس بموضوع جديد, فهذا الجنون الرمضاني أصبح عادة سنوية, لكن في رمضان الفائت برز برنامج بشكل لافت, كان له صدى واسع لا تناله البرامج الهادفة عادةً, كان هذا برنامج "خواطر" لمقدمه أحمد الشقيري, البرنامج كان في جزئه الخامس و كان يزور اليابان, مقدماً مثالاً يحتذى لنهضة شعب من تحت الرماد .

لا أخفيكم أني كنت منتظراً لما سيقدمه البرنامج هذا العام, لكنه كما يبدو سيكون مخيباً للآمال "آمالي على الأقل" .

البرنامج يتحدث هذا العم بشكل أساسي عن النهضة الاسلامية بشكل عام في القرون الوسطى, و ما قدمه علماء المسلمين للحضارة الإنسانية من اختراعات و نظريات, ومقارنة كل هذا بالتخلف الذي كان يعيشه الاوروبيون في ذلك العصر.

المشكلة أن هذا الموضوع طرح آلاف المرات قبل هذا, لا تفهموني غلط, أنا لا انقص من تاريخ احد, و لا أحجم تاريخاً بهذه العظمة, لكنه كان و سيبقى تاريخاً, نبكي على أطلاله.

المشكلة أننا لا نزال نعيش على ذكريات الماضي, معتقدين أننا سنعود كما كنا اذا اتبعنا درب الاولين ! نفكر مثلهم و نعمل مثلهم ! ناسين او "متناسين" أنهم عاشوا في عالم اخر و زمن اخر و "نهضة اخرى" .

كل ما يفعله البرنامج هذا العام أنه يسلي شعوباً لا تقرأ و لا تفكر إلا بما يأمر به "الكبار" - الله يخليهم- , و نسي الجميع أن من نهض في القرون الوسطى كانت الشعوب, الشعوب الحرة التي ترفض الإملاء , الشعوب التي تقول ما تشاء وقت ما تشاء دون أن تضطر لأخذ الإذن من "الكبار".

في زمن تحاسب فيه الكلمة, و يخضع كل انجاز لتدقيق سلطة دينية ترفض أي شيْ يتعارض مع تعاليم فرضت على الشعب و ما أنزل الله بها من سلطان, في زمن نرفض فيه أي نظرية أو فكرة أو اختراع لمجرد أن صاحبه قد تكون أمه يهودية!, في زمن كهذا لا ينفع التذكير لا بالإدريسي ولا بإبن الهيثم !

خواطر العام القادم يجب أن تكون "خواطر من أجل حرية"

اترككم مع جملة غرد بها احد اصدقائي بالإنجليزية :

The first step towards development is freedom of speech, DO NOT underestimate the power of a Free Word


Mo2a8t

04 أغسطس، 2010

تكسي كل يوم (2) "فنجان قهوة"



" مبدئياً انا بحب القهوة السادة, مش معترض عليها يعني "

ركبنا في التكسي أنا و صديقي " المشكلجي", طبعا ً لم نركب في التكسي بهذه السهولة, كما يبدو أننا - أنا و صديقي- لا نمتلك المقومات التي تخولنا ركوب التكسي هذه الايام, فالراكب المثالي لا بد أن تنطبق عليه واحدة من صفتين:
إما ان تكون "خسة من الاخر " , او تكون تحمل حقائبك متوجهاً الى المطار.

على كل حال صعدنا في التكسي, جلسنا بصمت بينما كانت أغنية فيروز الشهيرة " أنا و شادي " تصدح في الخلفية, بصراحة كلما سمعت هذه الأغنية أبدأ بالتساؤل, أين ذهب شادي ؟؟؟ هل انشقت الارض و ابتلعته ؟؟؟

قطعت تساؤلاتي مهارات سائقنا "شوماخر" في تجاوز السيارات على الدوار, في اللحظات الاخيرة تماماً قبل أن يصطدم بها ! كان ماهراً لدرجة أني في بعض اللحظات كنت مقتنعاً أننا "روحنا !" لكنه كان يتفادى الموقف بطريقة عجيبة !!!

بدأ الان صياح صديقي "المشكلجي" يعلو , "يا زلمة انتا بدك تقتلنا "
رد عليه شوماخر " اييييه, تشدش عاحالك كتيييير, كل راس مالك فنجان قهوة ! ".

ثم بدأ السائق يروي مغامراته و نظرياته العجيبة, " أنا في رأيي اذا سويت حادث و الزلمة اللي جنبك ما مات, تكمل عليه أحسن, لأنو هيك بكون أوفرلك و أريح لراسك, لأنو لو مات راس مالها عطوة و دية و بتخلص, بس لو دخل المستشفى هاتلك نخلص ! "

ثم بدأ يروي كيف أنه حمل راكبين في السابق, و كيف أنهم اصطدموا بشاحنة, الاول مات " وخلص منه بعطوة" اما الاثني فقد "طلع عينو" بمصاريف المستشفى.

حقاً ؟!! هل أصبحت حياة الإنسان رخيصة لهذا الحد ؟؟!! هل أصبحت حياة المواطن مجرد فنجان قهوة و دية ؟؟ أما السائق المتهور فلا من يحاسبه ؟ لا و بل يعود إلى الطرقات ليهدد أرواح اخرين مثلي أنا !!! "اه صح و صاحبي كمان " !

أوصلنا شوماخر الى البيت, نزلت من السيارة و قبلت الأرض, و حمدت الله أن حياتي لم تلخص في فنجان قهوة, أما السائق الهمام, فقد "دعس بنزين و طار " يبحث عن ضحايا اخرى !

بينما كنت أصعد الدرج, "لطشتني" هذه الفكرة , ماذا لو ؟ ماذا لو كان دم شادي المسكين ضاع أيضاً في فنجان قهوة !!!
اااااااخ ! يا حسرة قلبك يا فيروز !


Mo2a8t